كتبت\هبه عبدالله
تُعد قرحة المعدة من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعًا، وهي حالة تتطلّب مزيجًا من العلاج الدوائي والنظام الغذائي الدقيق. فالغذاء في هذه المرحلة لا يقتصر على إشباع الجوع، بل يتحول إلى وسيلة حماية وتجديد لأنسجة المعدة المتضرّرة.
وفقًا لتقرير نُشر في موقع Vinmec، فإن نوعية الطعام وطريقة تناوله تلعبان دورًا حاسمًا في تخفيف الأعراض ومنع تفاقم القرحة. فبينما تساهم بعض الأطعمة في تهدئة الالتهاب وتسريع الالتئام، قد تُثير أخرى إفراز الأحماض وتُبطئ عملية التعافي.
المعدة تشفى بالانضباط الغذائي
إن السيطرة على قرحة المعدة لا تتحقق بالأدوية فقط، بل تحتاج إلى التزام غذائي ذكي يُراعي خصوصية المعدة ويمنحها الوقت لتستعيد توازنها.
الأطعمة الغنية بالعناصر الطبيعية الشافية، إلى جانب تجنب المهيجات، تمثل نصف العلاج.
ولأن المعدة تعكس أسلوب الحياة، فإن الاعتدال في الأكل والهدوء النفسي يظلان أفضل وصفة للشفاء والوقاية على المدى الطويل.
أولًا: لماذا تُصاب المعدة بالقرحة؟
تحدث قرحة المعدة نتيجة تآكل أو تلف في بطانتها الداخلية، وغالبًا ما تكون بكتيريا الملوية البوابية (H. pylori) هي السبب الرئيسي في هذا التآكل.
كما تُسهم عوامل أخرى في زيادة خطر الإصابة، منها:
الإفراط في تناول المسكنات ومضادات الالتهاب.
التوتر النفسي المزمن الذي يُحفّز إفراز الحمض المعدي.
التدخين أو شرب الكحول.
اضطرابات النوم وسوء النظام الغذائي.
الأطعمة بحد ذاتها لا تُسبب القرحة، لكنها قد تُساعد في التئامها أو تزيد من شدتها تبعًا لطبيعتها وتأثيرها على جدار المعدة.
ثانيًا: أطعمة تُساعد على شفاء المعدة
1. الأغذية الغنية بالبروبيوتيك
البروبيوتيك هي بكتيريا نافعة تُعيد التوازن إلى بيئة الجهاز الهضمي، وتُساعد في طرد البكتيريا الضارة التي تُسبب القرحة.
من أمثلتها: الزبادي الطبيعي، ومخلل الملفوف
يساعد الانتظام في تناولها على تهدئة بطانة المعدة ودعم المناعة المعوية.
2. الأطعمة الغنية بالألياف
الألياف تُبطئ عملية الهضم وتُخفّف تركيز الحمض في المعدة، ما يجعلها صديقة مثالية للمصابين بالقرحة.
تشمل المصادر الجيدة: التفاح، الكمثرى، الشوفان، والبقوليات.
تشير الدراسات إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف تُقلل من خطر عودة القرحة بعد العلاج.
3. الأغذية الغنية بفيتامين (أ)
يلعب هذا الفيتامين دورًا مهمًا في ترميم الأنسجة وتجديد الخلايا التالفة في بطانة المعدة.
من أفضل مصادره: البطاطا الحلوة، السبانخ، الجزر، والشمام.
تناولها بانتظام يساعد على تسريع عملية الشفاء ومنع تكرار التقرحات.
4. الأطعمة المحتوية على فيتامين (ج)
فيتامين (ج) معروف بقدرته على تعزيز التئام الجروح، بما في ذلك الجروح الداخلية في المعدة.
الفلفل الأحمر الحلو، البروكلي، الفراولة، والحمضيات الغنية بهذا الفيتامين، تساهم في دعم جدار المعدة وحمايته من الأكسدة والالتهاب.
ثالثًا: أطعمة ومشروبات تُفاقم القرحة ويُستحسن تجنّبها
1. الحليب كامل الدسم
على الرغم من اعتقاد البعض أن الحليب يهدئ المعدة، إلا أنه في الواقع يحفز إفراز مزيد من الحمض المعدي بعد تناوله، ما يجعل الألم يعود بقوة بعد فترة قصيرة. لذلك لا يُنصح به كعلاج منزلي.
2. الأطعمة الدهنية والمقلية
تتطلب الدهون وقتًا أطول للهضم، ما يزيد الضغط على المعدة ويُبطئ تفريغها. لابد من تقليل تناول الأطعمة المقلية، والزيوت المشبعة، والوجبات السريعة خلال فترة العلاج.
3. الأطعمة الحارة
رغم أن الفلفل والتوابل الحارة لا تُسبب القرحة، فإنها قد تُثير الألم وتُضاعف الشعور بالحرقة لدى من يعانون من حساسية في جدار المعدة. يُفضل استبعادها حتى استقرار الحالة.
4. الحمضيات
البرتقال، الليمون، والجريب فروت من أكثر الفواكه إثارة للحمض المعدي.
ليست خطيرة في كل الحالات، لكن من الأفضل تجنبها إذا لاحظ المريض تفاقم الأعراض بعد تناولها.
5. الشوكولاتة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين
تُحفّز هذه المواد إفراز الأحماض وتُرخي العضلة الفاصلة بين المعدة والمريء، ما يُسبب ارتجاعًا يزيد من الانزعاج.
يفضّل الامتناع عن القهوة، الشاي الأسود، ومشروبات الطاقة أثناء فترة العلاج، أو الاكتفاء بكميات محدودة جدًا.
رابعًا: نصائح عملية لمرضى قرحة المعدة
تناول الطعام في أوقات ثابتة يوميًا لتجنّب فراغ المعدة الطويل.
قسّم وجباتك إلى 5 أو 6 وجبات صغيرة بدلًا من ثلاث وجبات كبيرة.
ابتعد عن تناول الطعام قبل النوم مباشرة.
تجنّب التدخين، فهو يُبطئ شفاء القرحة بشكل ملحوظ.
اشرب الماء الفاتر بكميات كافية، وتجنب المشروبات الغازية.
حافظ على هدوءك النفسي، فالتوتر يزيد من إفراز الأحماض المعدية.
خامسًا: أهمية المتابعة الطبية والفحوصات المنتظمة
إذا أُهملت القرحة أو لم تُعالج بشكل صحيح، فقد تتطور إلى نزيف داخلي أو ثقب في جدار المعدة، وهي حالات تستدعي التدخل الطبي الفوري.