كتبت\هبه عبدالله
تشير الإشارات المبكرة من أنظمة الترصد الدولية إلى أن موسم الإنفلونزا المقبل قد يحمل مفاجآت ثقيلة، بعدما رُصدت سلالة متحورة من فيروس H3N2 تتقدم بسرعة في بعض الدول وتُظهر قدرة أعلى على الانتشار مقارنة بالسلالات الموسمية المعتادة. هذا التحول الفيروسي بدأ في الظهور أولًا داخل المملكة المتحدة ثم اتسع نطاقه تدريجيًا، مما دفع خبراء الأمراض المعدية إلى رفع مستوى اليقظة تحسبًا لاحتمال انتقاله إلى مناطق أخرى ذات حركة سفر نشطة.
وفقًا لتقرير نشره موقع Medscape، فقد سجّلت المملكة المتحدة زيادة واضحة في معدلات الإصابة خلال الأسابيع الأخيرة، وخاصة بين المراهقين وتلاميذ المدارس. ويُرجّح أن تكون التحورات التي اكتسبها الفيروس خلال الصيف هي العامل الرئيسى وراء هذا التغير؛ إذ كشفت تحاليل المتابعة الجينية عن سبع طفرات جديدة جعلت المتغير المتداول مختلفًا بدرجة كبيرة عن النسخة المُدرجة في لقاحات الموسم. ويرى الباحثون أن هذا الخلل بين اللقاح والسلالة الجديدة قد يسمح للفيروس بالانتشار بسهولة أكبر في مجتمعات لم تعد تمتلك المناعة الكافية لمواجهته.
سلالة فرعية جديدة تفرض نفسها
تتجه الأنظار حاليًا نحو المتحور المعروف بالسلالة الفرعية K، والذي تم التعرف عليه خلال موسم الإنفلونزا في نصف الكرة الجنوبي لعام 2025. ورغم أنه ليس فيروسًا جديدًا بالكامل، فإن تغيراته الوراثية منحته سمات مختلفة عن النسخة التي وُضعت في لقاحات العام. وتُظهر التقارير أنه كان سببًا رئيسيًا في موجات العدوى الشديدة داخل دول الجنوب، ويتوقع متخصصون أن يواصل هيمنته في موسم 2025–2026 في بلدان الشمال.
وقد أعلنت اليابان بالفعل انتشارًا واسعًا للإنفلونزا هذا الخريف، بينما لا تزال حصة المتحور K في هذه الحالات غير واضحة نتيجة نقص البيانات المتاحة. ويرى علماء الفيروسات أن اتساع الفجوات في المعلومات يجعل تقدير حجم التهديد أكثر صعوبة.
بيانات محلية غائبة وتحديات في التتبع
في الولايات المتحدة، لا تزال الصورة ضبابية. فالإغلاق الحكومي الأخير والتغييرات الإدارية داخل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أضعفا تدفق البيانات الوطنية، مما جعل المؤشرات الرسمية تبدو مستقرة رغم وجود إشارات من الجهات المحلية ببدء النشاط الفيروسي في ولايات الجنوب.
وتوضح اختصاصية اللقاحات لوري هاندي أن محدودية التقارير لا تعني غياب المشكلة، مؤكدة أن الوقت المناسب للتطعيم ما يزال الآن، حتى لو لم يكن اللقاح متوافقًا تمامًا مع السلالة المتداولة. فاللقاحات، رغم تفاوت فعاليتها، تظل قادرة على تخفيف شدة المرض وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفيات.
لماذا يثير الخبراء القلق؟
يشير أطباء الأمراض المعدية إلى أن المشكلة لا تتعلق بالانتشار فحسب، بل بقدرة التحورات الجديدة على الالتفاف حول المناعة المكتسبة من العدوى السابقة أو التطعيم. ومع أن المكاسب الوراثية لا تعني بالضرورة زيادة الخطورة، فإنها تمنح الفيروس هامشًا أكبر للتحرك داخل الفئات السكانية الحساسة.
كما يلفت الباحثون إلى أن موسم الطيور المهاجرة يزيد احتمال امتزاج فيروسات الإنفلونزا البشرية والطيور، ما يستدعي مراقبة أدق لتجنب إعادة ظهور متغيرات قد تتسم بخصائص غير متوقعة.
ما الذي يجب الانتباه له في الفترة المقبلة؟
يحذر الخبراء من الاعتماد على الأرقام المنخفضة حاليًا، إذ إن موسميات الإنفلونزا غالبًا ما تتغير بسرعة. ويشددون على أهمية متابعة المؤشرات المحلية، وتلقي التطعيم، والانتباه إلى أي تغير في أنماط انتشار المرض داخل المدارس والمناطق ذات الازدحام العالي. كما أن غياب البيانات الموحدة يجعل دور الأطباء والمختبرات المحلية أكثر أهمية في اكتشاف الحالات مبكرًا.
جريدة الخبر اليوم المصرية