صنع في فلسطين

منذ قديم الزمان عندما كان التاريخ البشري يسطر حروفه ليشهد بميلاد الأمم وانتقال البشرية من البدائية إلى العيش في مجتمعات
منظمة . شهدت منطقة الشرق الأوسط ميلاد حضارات سبقت شعوب العالم وتفاوتت
في درجات التقدم فيمابينها , وبرزت الحضارة الأعظم في مصر القديمة , وقد
استفادت تلك الحضارة من كل امكانيات بيئتها , وأدركت ماتفتقده . ولكونها
حضارة سلام , فقد تبادلت التجارة مع جارتها فلسطين لتغطي العجز من
احتياجاتها . وكان لهذا التبادل عظيم الأثر على مدن فلسطين .




وقد توافر في البيئة الفلسطينية الزيت والقار
والنبيذ وعسل النحل , وقد وثقت لنا الحفريات على عملية التبادل التجاري ,
وذلك منذ عصر ماقبل الأسرات وعصر الأسرتين الأولى والثانية . فعثر على تلك
المنتجات في مصر في أواني فخارية كبيرة تحمل الطابع الفلسطيني التي يتميز
بالأيدي المموجه . وكانت التجارة وقتها تتخذ الطرق البرية فمدن فلسطين
البحرية لم تظهر على الساحة في ذلك الوقت .




أما على الجانب الآخر فقد عثر في منطقة “تل جاث ”
بوسط جنوب فلسطين على أواني فخارية مصرية منها قطعة فخارية تحمل اسم الملك
“نعرمر ” ترجع لنهاية الألف الرابعة قبل الميلاد , وكذلك قطعة فخارية
مكسورة عند تجميعها وجد الاسم الهيروغليفي “نعر” أو الجزء الأول للملك
“نعرمر” وذلك في موقع “أراد ” بمنطقة النقب .




أما موقع “عين بيصور ” بشمال النقب . فقد عثر على
كتل غير منتظمة تحمل طبعات أختام ترجع للأسرة الأولى خاصة بموظفين وكهنة
مصريين , ممايعني أن هؤلاء كانت لهم مهام على أرض فلسطين , أي أنها كانت
قواعد ملكية مثل “تل جاث ” و “أراد” للإشراف على التجارة المتبادلة , وكذلك
وجدت الأختام المصرية والخرز المصري المصنوع من الذهب والأواني الفخارية
في مواقع فلسطينية أخرى مثل : “تل مالحاتا ” و ” تل حلف ” و “تل ماعاحاز ” و
“تل عيراني ” و “افريدار” .




وقد عثر في “كفر موناش ” بفلسطين على آثار مصرية
عبارة عن أدوات ولوحات نحاسية وخرز ترجع لبداية الأسرة الأولى , ويرجح أنها
خاصة بقاطعي الأخشاب ويبدو أن المصريين كانوا يأخذون الأخشاب من تلك
المنطقة , بل ويبدو أن العمال المصريين كانوا يشاركون في العمل حيث عثر في
جبانة “أزور ” على بعض الهياكل المصرية .




وقد عثر في مقبرة الملك “بر ايب سن ” من الأسرة
الثانية بأبيدوس على طبعة ختم كتب عليه “منتجات آسيا ” أو ما يساوي الآن
“صنع في فلسطين ” وذلك يشير إلى الأشياء الملحقة بالبطاقة أنها أحضرت من
آسيا .




ونسوق تلك الآثار التاريخية لإثبات قدم العلاقة
بين المصريين والفلسطينيين أصحاب الأرض , وتلك الأدلة التاريخية لم تذكر من
قريب أو بعيد على ملكية اليهود لتلك الأرض . حيث صورت لهم الأوهام أنهم
ساكنوا تلك البقاع منذ القدم , ولا يوجد دليل لوجودهم , بينما الفلسطيني
عاش وصنع وتاجرو ابدع على تلك الأرض .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *